التحول الرقمي
للأجهزة الطبية المتصلة بالسحابة الالكترونية دور محوري في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 للتحول الرقمي والابتكار في قطاع الرعاية الصحية بالمملكة.
ومع اقتراب حلول عام 2030م، تمكنت جائحة كوفيد-19 من مضاعفة التحديات التي تواجهها المستشفيات فيما يتعلق بمعداتها الطبية كارتفاع تكلفتها وارتفاع أعمار فريق العمل الطبي الفني للمستشفى1. على سبيل المثال، قبل أزمة كوفيد-19، كانت نسبة الهامش التشغيلي للمستشفيات 1.7%، أي أقل بكثير من 2.5% وهي النسبة العادية المستدامة. بينما انخفض متوسط هوامش تشغيل المستشفيات إلى سالب 23% خلال الربع الثاني من عام 2020، أي بنسبة 150%. ووفقًا لشركة ديلويت، تعد رقمنة الأجهزة الطبية أمرًا ضروريًا للحفاظ على قدرتها التنافسية من حيث التكلفة في المستقبل.3
في ظل تضاعف حجم عمليات الاتصال بالإنترنت وازدياد عدد أجهزة الحوسبة السحابية في القطاع الصحي، تمكنت المستشفيات من العمل بكفاءة أكبر وإدارة التكاليف المادية بصورة أكثر حرصًا وتحقيق نتائج أفضل مع المرضى. بالإضافة إلى تشجيع الابتكار والتجديد في قطاع الرعاية الصحية عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال.
أهمية الاتصال بالإنترنت لرقمنة المعدات الطبية
تُعد رؤية السعودية 2030 خطة طموحة لتحويل اقتصاد المملكة العربية السعودية من خلال ثلاث ركائز رئيسية: مجتمع نابض بالحياة واقتصاد مزدهر وأمة طموحة. ويعتبر قطاع الرعاية الصحية أحد مجالات النمو الأساسية لهذه الخطة، حيث تهدف المملكة إلى تطوير القطاع الخاص وتقليل الاعتماد على النظام الصحي العام، وفي سبيل تحقيق ذلك، وضع برنامج التحول الوطني 2020 (“NTP”) مجموعة من الأولويات التي تشمل التحول الرقمي لقطاع الرعاية الصحية4.
إن ضمان وجود بنية تحتية مناسبة وقوية لتكنولوجيا المعلومات في المستشفيات والمرافق الطبية هو بمثابة العامل المحوري في التحول الرقمي لقطاع الرعاية الصحية. حيث يشمل ذلك اتصال إنترنت عالي السرعة يتحمل قدرًا كبيرًا من النطاقات الترددية (معدلات نقل البيانات) مع وجود بروتوكولات قوية لأمن الشبكة مما يحمي بيانات المرضى والمستشفيات، بالإضافة إلى توفر فرق إدارية مخصصة لعمليات الرقمنة.
بمجرد إنشاء البنية التحتية السليمة لتكنولوجيا المعلومات، يتم تزويد المستشفيات ومنشآت الرعاية الصحية بمعدات طبية يمكن ربطها بشبكة الإنترنت والسحابة الافتراضية لإعداد البيانات وجمعها وتحليلها وبثها إلى وحدة قيادة مركزية. وهذه هي الخطوة الأولى لرقمنة الوسائل والأجهزة الطبية (IoMT) حيث يصبح لدينا بنية تحتية متصلة للأنظمة والخدمات الصحية. مما يعزز قدرة مؤسسات الرعاية الصحية على تقديم نتائج أفضل للمرضى بوتيرة أسرع وخفض تكاليف الرعاية الصحية المتزايدة وتحسين الكفاءة وتفعيل خدمات جديدة للمرضى5.
تمنح البيانات التي يتم إنشاؤها بواسطة الأجهزة الطبية المتصلة بالإنترنت رؤى أعمق لا تقتصر على نمط أداء كل جهاز وإدارة التوريد، ولكن أيضًا من خلال توثيق البيانات الدقيقة عن رعاية المرضى والنواتج الصحية والأمراض نفسها.
التشغيل الآلي لخدمات الأجهزة الطبية
تساهم الأجهزة الطبية المتصلة بالإنترنت بشكل هائل في أتمتة خدمات المعدات. حيث يمكن للأجهزة مشاركة البيانات حول عدد الاستخدامات والخدمات المقدمة واختبارها ووقت تشغيلها وتوقفها والمزيد. مما يسمح بتتبع مستوى الأداء بصورة فورية لضمان عمل الأجهزة على النحو المصمم.
في حال توقف الجهاز عن العمل بشكل صحيح أو تعطل تمامًا، يتم إبلاغ مركز القيادة على الفور ويصبح وقت استجابة الخدمة أسرع. وحين يحتاج جهاز متصل بالإنترنت إلى الصيانة، يمكن لفني الخدمة الاتصال عن بُعد بالجهاز وتشغيله أو تحديد ما إذا كان بحاجة إلى الإصلاح من قبل عامل متخصص. مما يؤدي إلى الحد من فترة تعطل الجهاز عن العمل حيث لا حاجة إلى تعيين عامل فني متخصص أو إهدار الوقت في زيارته لتحديد المشكلة. كما تُمكِّن هذه التقنية الفنيين من طلب قطع الغيار عند الضرورة حتى قبل الوصول إلى الموقع لإصلاح الجهاز.
تعزز المراقبة المباشرة للأجهزة المتصلة بالإنترنت الشفافية بشأن الفحص والاختبار المستمر للجهاز ومعايرة المعدات، حيث يتم اختبار الجهاز على فترات زمنية منتظمة وضمان تشغيله بكفاءة كاملة مع تحقيق نتائج موثوق بها. كما تساعد البيانات الواردة من الأجهزة المتصلة لمراكز القيادة على التنبؤ بجدول الصيانة الزمنية للمعدات. مما يعني أن المستشفيات والمرافق الطبية ستتمكن من توفير المزيد من الرعاية لعدد أكبر من المرضى، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تحسين نتيجة تقييم الأجهزة والخدمات.
بالإضافة إلى تطوير الخدمة ووقت الاستجابة مع الحد من فترة التعطل عن العمل، يمكن للأجهزة الطبية المتصلة بالإنترنت أن تساعد مسؤولي المستشفيات في إدارة ميزانيات وتكاليف المعدات بشكل أكثر كفاءة. حيث يمكن للإدارة استخدام البيانات الواقعية لمعرفة الأجهزة التي يجب ترقيتها أو استبدالها ووفقًا لأي جدول زمني، والذي يمكن أن يؤدي بمرور الوقت إلى تحسين هوامش التشغيل.
دور التشغيل الآلي للخدمات في تعزيز كفاءة سلسلة التوريد اللوجستية
يمكن أن يؤدي نظام التشغيل الآلي (الأتمتة) للأجهزة الطبية المتصلة بالإنترنت إلى زيادة كفاءة الخدمات اللوجستية لسلسلة التوريد الخاصة بالمستشفيات ومنشآت الرعاية الصحية.
عندما يتم ربط الأجهزة الطبية ببعضها البعض شبكيًا، ويتم إرسال البيانات إلى مركز القيادة، تصبح أنماط استهلاك الجهاز أكثر وضوحًا، وينطبق ذلك بشكل خاص على الإمدادات التي تُستخدم لمرة واحدة للأجهزة مثل: أجهزة تحليل غازات الدم وأجهزة تحليل المقايسة المناعية والفحوصات المخبرية الطبية الأخرى لتسمم الدم والحمل وغير ذلك. مما يسمح للمستشفيات بتتبع تكاليف هذه المواد الاستهلاكية عن كثب، وتحديد احتياجات التخزين بشكل أكثر دقة واتجاهات الاستخدام بمرور الوقت، بالإضافة إلى التخطيط لشراء الإمدادات المستدامة وتعزيز اللوجستيات، وهذا يساهم في الحد من التكاليف.
تتمثل أحد مجالات تركيز رؤية المملكة العربية السعودية 2030 الخاصة بالرعاية الصحية في دمج المزيد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعد خدمة الأجهزة الطبية والأتمتة فرصة مثالية للقيام بذلك.
الصالحية لديها ترخيص حكومي من الدرجة الأولى، والذي يتم منحه لمقدمي الخدمات الطبية الحيوية ويسمح لها بالقيام بشراكات غير محدودة مع الحكومة. هذا يعني أن الصالحية لديها القدرة على تقديم الخدمات عن بعد لجميع المعدات في المستشفيات الحكومية والخاصة والتي تشمل الصيانة الوقائية لضمان تشغيل جميع الأجهزة على النحو الأمثل بالإضافة إلى الصيانة التصحيحية لإصلاح المعدات التي ليست في حالة عمل.
إضافة تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين نتائج المريض وتعميق الرؤى الطبية
باستخدام الأجهزة الطبية السحابية (المتصلة بالسحابة الافتراضية)، يمكن للمستشفيات ومنشآت الرعاية الصحية استكشاف الخطوات المتقدمة في رحلة تحولها الرقمي.
الذكاء الاصطناعي هو أحد التقنيات التي يمكن أن تحسن من النتائج الصحية للمرضى من خلال البيانات التي يتم جمعها عن طريق المعدات الطبية.
وفقًا لدراسة ديلويت Deloitte لعام 2020، من المتوقع أن توفر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية حوالي 200 مليار يورو من المدخرات السنوية (بما في ذلك التكاليف البديلة) لنظام الرعاية الصحية الأوروبي وحده6.
اعتبارًا من هذا العام، يوجد 240 جهازًا وخوارزمية طبية معتمدة قائمة على تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في أوروبا و222 في الولايات المتحدة7.
الذكاء الاصطناعي هو بمثابة العمود الفقري لنظام التشغيل الآلي (الأتمتة) في قطاع الرعاية الصحية. ولا يتم استخدامه فقط لتسهيل وموائمة خدمة الأجهزة الطبية، بل يمكنه أيضًا تعزيز رعاية المرضى والحد من أوقات الانتظار وسد احتياجات بعض فئات الأطباء. على سبيل المثال، عندما يحتاج المريض إلى فحص عينة، يمكن أن يتطلب الأمر الانتظار أوقات طويلة أو السفر لزيارة أخصائي، ومن ثم مزيد من الوقت حتى يتم اكتشاف ما إذا كانت العينة مسرطنة أم لا.
باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للمستشفيات الاتصال بمتخصص في مركز القيادة لتقديم التشخيص عن بُعد بشكل أسرع وتكلفة أقل مع ضمان كفاءة أكبر في سير العمل. علاوة على ذلك، يسهل الذكاء الاصطناعي عملية التشخيص على كبير الأخصائيين، وذلك يضمن نتائج أفضل للمرضى واكتساب رؤى ثاقبة جديدة بشأن التركيب البيولوجي للمرض8.
وفقًا لدراسة أجريت في عام 2019م، حققت خوارزمية التعلم العميق نتائج غير مسبوقة في اكتشاف سرطان الرئة بنسبة 94.4%، وبالتجربة على 6716 حالة، تفوق الذكاء الاصطناعي على أطباء الأشعة بنسبة 11% في اكتشاف النتائج الإيجابية الكاذبة و 5% من النتائج السلبية الكاذبة9.
دخلت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في شراكة مع رويال فيليبس Royal 10Philips و 11IQVIA لدعم هدف المملكة المتمثل في أن تصبح رائدة بمجال الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، وتهدف هذه الشراكات إلى إتاحة أفضل التقنيات الصحية وأدوات التحليل اللازمة لعلماء البيانات في المملكة والمتخصصين في الرعاية الصحية لمساعدتهم على تطوير حلول متكاملة تعمل على تحسين أداء وإنتاجية أنظمة الرعاية الصحية. تشكل هذه الشراكات خطوة فعالة تقربنا من تحقيق أهداف الرؤية السعودية 2030، وتمكننا من تقديم رعاية صحية أفضل وأكثر تقدمًا لأبناء المجتمع.
References
7-https://www.thelancet.com/journals/landig/article/PIIS2589-7500(20)30292-2/fulltext
8- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1756231720301559
9- https://www.nature.com/articles/s415910447–019-x
10-https://www.healthcareitnews.com/news/emea/saudi-partners-philips-part-country-s-mission-become-leader-ai-healthcare
11-https://www.healthcareitnews.com/news/emea/iqvia-partners-saudi-data-and-artificial-intelligence-authority-sdaia