المسؤولية الصحية الشخصية

أثرها في مستقبل المملكة العربية السعودية

 

 

 

يمكن للكشف والتشخيص المبكر في الكثير من الأمراض إنقاذ الأرواح وتقليل تكاليف الرعاية الصحية.

 

حيث أظهرت دراسات متعددة أن التوفير في التكاليف يأتي من مجالات متعددة تتراوح من معدلات القبول الأقل في المشافي إلى عدد أقل من الأدوية الموصوفة.1,2 وقد وجدت إحدى الدراسات أن تكاليف علاج مرضى السرطان الذين تم تشخيص إصابتهم في وقت مبكر كانت أقل بالنصف وحتى الربع مقارنة بعلاج أولئك الذين تم تشخيص مرضهم في مراحل أكثر تقدماً.3

 

إن تشجيع المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية على التعرف على أعراض الأمراض وإجراء الفحوصات الذاتية في المنزل واستخدام التكنولوجيا لمراقبة وإدارة صحتهم هو جزء أساسي من تحسين النتائج الصحية في جميع أنحاء المملكة. فبالرغم من أن تشخيص المرض يجب أن يتم من قبل مهنيين طبيين مرخصين، فإن الاكتشاف المبكر لأعراض المرض وإدارة المرض يمكن أن يساعد جميع الأفراد في طلب التدخل الطبي في وقت مبكر وعيش حياة صحية أطول مع تقليل العبء الاقتصادي الذي تتحمله الحكومة بسبب سوء الحالة الصحية.

 

 

 

أثر المعرفة والفحوصات الذاتية المنزلية في التوعية بالأمراض

 

يمكن أن تساعد معرفة أعراض المرض الأفراد على طلب خدمات الرعاية الصحية في الوقت المناسب، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج صحية أفضل بشكل عام. وقد أظهرت الدراسات أن الوعي بالأعراض والفحوصات الذاتية وأدوات الاختبار المنزلية تعتبر أدوات ذات أثر قوي على تقليل الوفيات المرتبطة بالأمراض.

 

وهنا تكمن فرصة لتثقيف المواطنين والمقيمين في المملكة حول هذه الأعراض المبكرة فيتمكن كل فرد من تحمل مسؤولية أكبر والسيطرة على صحته.

 

يرتبط الوعي بأعراض السكتة الدماغية بتحسين القدرة على تشخيص هذا المرض بشكل عام. ومع ذلك فإن المعرفة الحالية بالأعراض – مثل العلامات المبكرة الشائعة كالضعف في الوجه والجسم النصفي – أقل مما يجب أن يكون عليه لدى سكان المملكة العربية السعودية.4

فقد بينت إحدى الدراسات في المملكة أن ٥٦٪ من المرضى يتوجهون إلى قسم الطوارئ بعد مرور أكثر من أربع ساعات ونصف على بداية حدوث السكتة الدماغية. وتضمنت العوامل الرئيسية التي أدت إلى تأخرهم في الحضور لقسم الطوارئ عدم معرفتهم بأنهم قد تعرضوا لسكتة دماغية.5

 

إن كل ثانية بعد حدوث السكتة بالغة الأهمية حيث يموت ١.٩ مليون خلية دماغية كل دقيقة بعد بداية السكتة6 فعلى سبيل المثال، يكون أثر علاجات السكتة الدماغية – كالأدوية الحالة للتخثر مثل منشط البلازمينوجين النسيجي (tPA) – أكثر فعالية في عكس الضرر وتحسين النتائج كلما تم الابكار في استخدامه.

 

 

ولمعالجة مسألة الزيارات المتأخرة للمستشفيات، فإن حملات التوعية بعلامات وأعراض السكتات الدماغية بالإضافة إلى وضع لوحات توعوية في الأماكن العامة من شأنها أن تساعد في زيادة المعرفة العامة وتقليل عدد الوفيات الناجمة عن السكتات الدماغية.7

 

الأمر مماثل بالنسبة لسرطان الثدي. فإن نسبة معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات كانت ١٠٠٪ في مرحلة المرض الأولى تقريباً في جميع الحالات التي تم اكتشافه بها مبكراً. وحيث أن امرأة واحدة من كل ثماني نساء تصاب بسرطان الثدي تكون الفحوصات الذاتية في المنزل هي المفتاح للكشف المبكر ورفع معدلات البقاء على قيد الحياة.8

 

غالباً ما يتم التعرف على سرطان الثدي ضمن المملكة في مراحل متقدمة وفي كثير من الأحيان يكون مع بدايات سن اليأس  . وللأسف فإن النساء السعوديات عموماً لديهن معرفة ضعيفة بسرطان الثدي ولديهم مواقف سلبية تجاه الفحص الذاتي ولا يقمن به بانتظام.9

 

إن النساء العاملات وأولئك ممن لديهن تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان الثدي هم أكثر استعداداً لإجراء الفحوصات الذاتية. ومن المثير للاهتمام، أن نموذج المعتقد الصحي – الذي يشير إلى أن اعتقاد الفرد بوجود تهديد شخصي بمرض يتنبأ باحتمالية تبنيه لسلوك ما – يتوافق مع سلوك ممارسة الفحص الذاتي بين النساء السعوديات.10

 

مرض آخر يمكن اكتشافه مبكراً بالفحص الذاتي هو سرطان الجلد. ومرة أخرى نجد بأن الوعي بأعراض سرطان الجلد منخفض بين بعض السكان. وعلى وجه التحديد وجدت الدراسات أن أولئك الذين يعيشون في الأجزاء الغربية من المملكة يفتقرون إلى المعرفة الكافية فيما يتعلق بسرطان الجلد ويمارسون الفحوصات الذاتية بشكل أقل انتظاماً. 11

 

ينبغي بذل جهود إضافية لتحسين النتائج الصحية مثل تحسين فهم السكان لماهية الاختبارات الذاتية لسرطان الجلد والممارسات الآمنة للتعرض لأشعة الشمس والاستخدام السليم لمستحضرات الوقاية منها، كذلك ارتداء الملابس ذات القماش المنسوج بإحكام وتجنب التعرض للشمس بقدر الإمكان.12

 

الفحوصات الذاتية ليست الطريقة الوحيدة ليبدي الأفراد مسؤولية أكبر تجاه صحتهم  . فقد أصبحت مجموعات الاختبار المنزلية أكثر توفراً ويمكن أن تساعد في التوعية بالأمراض وتشخيصها وإدارتها. على سبيل المثال، هناك اختبارات منزلية للخصوبة وصحة الغدة الدرقية والأيض وسرطان القولون والمستقيم وغيرها.13,14

 

 

 

التكنولوجيا تستطيع دعم الاختبارات المنزلية

 

سهلت التكنولوجيا – أكثر من أي وقت مضى –  على الأفراد القيام بدور فعال في تحديد أعراض أمراضهم أو إجراء الفحوصات المنزلية. ظهر ذلك عبر الدور المهم الذي لعبته التكنولوجيا لفحص الأعراض الجانبية للمرضى لتحديد حاجتهم لاختبار كوفيد -19. 15

 

بينما تساعد أجهزة أخرى مثل أجهزة قياس ضغط الدم أو أجهزة مراقبة الجلوكوز الأشخاص في مراقبة مؤشرات صحية معينة تمكنهم من تحديد متى يمكنهم إدارة حالتهم أو ضرورة طلب الدعم الطبي المتخصص.16

 

يمكن أن تشكل تكنولوجيا الهواتف المحمولة وما تتضمنه من تطبيقات أداة فعالة تسهل تغيير سلوكيات نمط الحياة غير الصحي داخل المجتمع السعودي. حيث يحتوي تطبيق صحتي الشهير على مجموعة من الخدمات المتكاملة التي تمكن المستخدمين من الوصول إلى المعلومات الصحية والخدمات الإلكترونية الطبية التي تقدمها المؤسسات الصحية المختلفة في المملكة.

 

وإلى جانب خدمة الرعاية الصحية ٩٣٧ وتطبيقي صحة وموعد تتيح هذه الأدوات للمستخدمين تلقي الاستشارات الطبية من المتخصصين المعتمدين عند الحاجة مثل حالات الفحص المنزلي.17

 

 

يمكن أن تشكل بعض التطبيقات أيضاً أداة قيّمة لإدارة الوزن ، وهو ما يمثل مصدر قلق في المملكة مع ارتفاع معدلات السمنة.18 أظهرت دراسات من المملكة العربية السعودية أن التطبيقات يمكن أن تكون فعالة في مساعدة المستجيبين الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة على إنقاص وزنهم من خلال تتبع كمية السعرات الحرارية المتناولة وعدد السعرات الحرارية المحروقة والوزن.19

 

وقد أبدى المستخدمون الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة اهتماماً أكبر بالتطبيقات التي تقدم إمكانية مراقبة مؤشراتها من قبل متخصص و تتضمن ماسح ضوئي للرموز مما يساعد في تحديد كمية السعرات الحرارية في الأطعمة. وهذا يشير هذا إلى وجود اهتمام من الأفراد بالسيطرة بشكل أكبر على صحتهم.

 

 

تم اكتشاف المزيد من التقنيات المتقدمة لتحسين إدارة مرض السكري . على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت باستخدام نظام ذكي لإدارة مرض السكري (SAED) أن تكنولوجيا الهاتف المحمول يمكن أن تحسن بشكل كبير مستويات HbA1C بين مرضى السكري السعوديين وتحسين طرقهم في إدارة المرض.20 لقد أظهر نظام SAED أنه حل فعال ومنخفض التكلفة لزيادة جودة حياة مرضى السكري في المملكة، وهو أمر مهم نظراً لارتفاع مستوى الحالات والعبء الاقتصادي المتزايد لهذا المرض.21

 

 

 

نشر ثقافة العافية في المملكة العربية السعودية

 

إن تعزيز ثقافة الصحة والعافية أمر بالغ الأهمية لدعم صحة المواطنين والمقيمين في المملكة على المدى الطويل. ففي أغلب الأحيان يسعى السعوديون للحصول على الرعاية الصحية فقط بعد شعورهم بحدوث المرض، مما يزيد من المخاطر والتكاليف خاصة عند مواجهة تفشي الأمراض الوبائية.

 

بالإضافة إلى ذلك ، أظهرت الدراسات أن الرجال يتجاهلون عادةً مجموعة من الأعراض – مثل تضخم الغدد الليمفاوية ومشاكل البلع وظهور بقع بيضاء في الفم وغيرها – والتي يمكن أن تكون مؤشرات على مشاكل صحية خطيرة، مثل السرطان.22 لذا يجب أن تشجع حملات التوعية الصحية العامة جميع المواطنين والمقيمين على الاهتمام بهذه الأعراض والتحدث مع طبيبهم لاستبعاد أو اكتشاف مشاكل صحية خطيرة في وقت مبكر.

 

ستساعد ثقافة الصحة الشخصية والعافية في تحقيق بعض أهداف الرعاية الصحية في رؤية ٢٠٣٠ ، مثل احتواء تكاليف الرعاية الصحية. يمكن أن يكون للاستثمار في تثقيف المواطنين والمقيمين حول أعراض المرض والفحوصات المنزلية تأثير كبير على صحة وعافية كل فرد.23

 

ولنتمكن من الوصول إلى غد أكثر صحة، يجب على كل شخص تحمل مسؤولية شخصية أكبر في إدارة

صحته اليوم.

 

المراجع

1 https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/15587433/
2 https://www.researchgate.net/publication/45406528_Cost-Effectiveness_of_Interventions_to_Prevent_and_Control_Diabetes_Mellitus_A_Systematic_Review
3 https://www.un.org/sustainabledevelopment/blog/2017/02/who-early-cancer-diagnosis-better-trained-medics-can-save-lives-money/
4 https://www.researchgate.net/publication/345319621_Stroke_Awareness_Among_University_Students_in_Saudi_Arabia

5 https://journals.sagepub.com/doi/pdf/10.1177/2050312118776719

6 https://www.healthpartners.com/blog/every-minute-counts-after-a-stroke/
7 https://www.researchgate.net/publication/345319621_Stroke_Awareness_Among_University_Students_in_Saudi_Arabia

8 https://emirateswoman.com/princess-reema-saudi-arabia-shines-light-breast-cancer-awareness/

9 https://bmcpublichealth.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12889-015-2510-y

10 https://bmcpublichealth.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12889-015-2510-y

11 https://www.bibliomed.org/?mno=79003

12 https://www.cdc.gov/cancer/skin/basic_info/sun-safety.htm

13 https://www.healthline.com/health/hormone-test-at-home#A-quick-look-at-the-best-at-home-hormone-tests

14 https://www.nytimes.com/2021/01/11/health/colonoscopy-health-home-testing.html

15 https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/symptoms-testing/coronavirus-self-checker.html

16 https://www.health.harvard.edu/heart-health/how-to-monitor-and-lower-your-blood-pressure-at home#:~:text=Health%20organizations%20such%20as%20the,accurate%20and%20easy%20to%20use

17 https://www.arabnews.jp/en/saudi-arabia/article_27324/

18 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7999834/

19 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6406230/

20 https://mhealth.amegroups.com/article/view/11434/11952

21 https://mhealth.amegroups.com/article/view/11434/11952

22 https://www.medicinenet.com/10_cancer_symptoms_that_men_ignore/views.htm
23 https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2213422018301690#bib0280